نصوص عن قراءات

القضية الكبرى !


18216940

فعلا إنها (القضية الكبرى) ! كما هو عنوان إحدى ترجمات هذه الرواية، وهي من أروع وأبدع الروايات البوليسية التي قرأت، ولعلها رقم واحد حتى الآن. ولا أريد الجزم، حتى إذا ما قرأتُ رواية تفوقها إتقانا لا تتكرر في مراجعاتي (المرتبة الأولى) لأحسن روايات الألغاز في نظري..

أنا – وكما قلت في مراجعتي لرواية بيت الحرير الرائعة – لا أعرف كيف يكتبون أدب الألغاز هذا ! أعتقد أن معاناة كتابة رواية واحدة من هذا اللون كمقدار معاناة عشر روايات مما يكتبه الروائيون. وإنّ أتعاب رواية عادية واحدة لجديرة بحمل وصف (معاناة) !

كمية مرعبة من التفاصيل والترابطات، ثم عليك ألا تجعل السرد مملا، أما الأدهى من كل ذلك هو استبعاد الاستنتاجات الطبيعية التي يمكن أن يهتدي إليها كل قارئ، أما إذا ما أردت التربع على عرش الأدب البوليسي مكان (أجاثا كريستي) فعليك أن تستبعد الاستنتاجات التي يهتدي إليها أذكى الناس ! باختصار يجب أن تكون عبقريا لكتابة مثل هذه الرواية المتكاملة، والتي تدور أحداثها الماتعة في ردهات قصر فخم لإحدى الثريات، حيث ستقع جريمة نكراء ذات ليلة، وسيشهد أكثر أهل القصر لحظات ضحيتها الأخيرة وهي تحتضر متشنجة، وأما الذي ارتكب هذه الجريمة فقد ارتكبها مع معاون له بأخفى الطرق التي يمكن أن تخطر على بال.

وهذا المجرم ذكي جدا بحيث يستحيل استنتاج هويته خلال مجريات القصة، كما يستحيل رؤية بقعة في جذر أذنك، حتى لو نظرت في المرآة متفحصا، ما لم يخبرك بها محقق بلجيكي عبقري.. قصير القامة، مفتول الشارب، غريب الأطوار، خفيف الحركات، سريع الانفعال، حادّ النظرات.. اسمه (هركيول بوارو) !

رفعت خالد المزوضي

أضف تعليقا