
(إعادة نشر)
قصة كتبتها في 2007
ثلاث ساعات مرّت و سمير يقود سيارته “الميرسيدس” الجديدة بسرعة فائقة.. لابد أنه قطع ثلثي الطريق الذي يقتاده إلى أمه المحتضرة.
الظلام حلّ منذ ساعة مُلقيا وشاحه الأسود على اللّوحة الريفية الجميلة بمدخل “الرباط” العاصمة ، فظلّت أضواء السيارة القوية تكشف جذوعا سميكة لغابة يلفّها برد الشتاء.
بعد أن استمع في بداية رحلته إلى برامج منوعة من إذاعة “الرباط” المحلية أسكت الجهاز ليحل صمت قاطع إلا من صوت المحرك الرتيب..
أخذت الخواطر المبهمة تتقافز أمامه في الطريق و طفق يمضي إليها وكأنما ليدوسها بالعجلات !..
مشاهد كثيرة هي ، عن حياته البائسة كما يعتبرها.. صدمات و خيبات أمل مُرّة و غدر من أناس قريبون أكثر ما يكون إلى قلبه.
تتردد الصور و الأصوات بذهنه و يتقلص وجهه في كآبة أو غضب من حين لآخر ، و بدا كأنه لا ينتبه للطريق أمامه.. الطريق السيّار الأنيق الذي يقوده بسرعة إلى نهاية حياته العادية.. دون أن يخطر ذلك على باله !..
* * *
انقضت أعوام طوال على آخر زيارة له للرباط.. ظروف العمل طوّحت به إلى الصحراء بالجنوب و كم مقت تلك المنطقة الحارة المملة. و هاهي الظروف تعود به أخيرا إلى مدينته الأم ، إلى بيت والدته الحنون.. و يا لها من ظروف !..
انحدرت دمعة دافئة على خده و عيناه الواسعتان تنظران إلى الطريق بثبات..
و في غفلته التامة استيقظ عقله الواعي بعنف على شيء رآه أمامه فأمسكت يده المتجمدة مقبض السرعات و قام بحركات مذعورة قبل أن يضغط الكابح ضغطة واحدة..
دوّى صرير حاد بالمكان الخالي فتلاه صمت أكثر عمقا من سابقه !
متابعة القراءة “اللقاء الأبدي !” →